قيل في قيام الليل
قيام الليل هو دأب الصالحين وتجارة المؤمنين وعمل الفائزين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم فيشكون إليه أحوالهم ويسألونه من فضله، فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها عاكفة على مناجاة بارئها تتنسم من تلك النفحات وتقتبس من أنوار تلك القربات وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات، وقد مدح القرآن الكريم مثل هذه الخصال في غيرما آية حيث قال الله تعالى "تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ" وقال «مجاهد» و«الحسن» "يعني قيام الليل"، وقال «ابن كثير» في تفسيره "يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة"، وقد ذكر الله عز وجل المتهجدين فقال عنهم "كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ"، وقال تعالى "أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ" أي "هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده"، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الليل ورغّب فيه فقال عليه الصلاة والسلام "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم ومطردة للداء عن الجسد" رواه «أحمد» و«الترمذي» وصححه «الألباني» وقال النبي في شأن «عبد الله بن عمر» "نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل" متفق عليه، وقال «سالم بن عبد الله بن عمر» "فكان «عبد الله» بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا، وقال عليه الصلاة والسلام أيضا "في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها" فقيل "لمن يا رسول الله؟" قال "لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائماً والناس نيام" رواه «الطبراني» و«الحاكم» وصححه «الألباني».