''يدير لها ربي طريق''
ولايات كثيرة تعاني من مشكل الاكتظاظ في الإكماليات، لأن نسبة الانتقال تجاوزت هذه السنة السبعين بالمائة، ليصل عدد تلاميذ النظامين القديم والجديد، الذين انتقلوا، إلى مليون ونصف مليون تلميذ. والحل، حسب وزير التربية، أبو بكر بن بوزيد، يكمن في الاستعانة بأقسام الثانويات والمدارس الابتدائية وأقسام أخرى. وما زاد الطين بلة هو التأخر المسجل في إنجاز مشاريع إكماليات جديدة. بالمقابل، عبر أولياء التلاميذ عن تذمرهم ورفضهم للجمع الذي وقع بين تلاميذ النظامين القديم والجديد، نظرا لاستحالة التجانس المعرفي بينهم.
عميد الوزراء أبو بكر بن بوزيد المعروف بقدراته على التحمل في سباقات المسافات الطويلة وبحذره الشديد أيضا، أعلن أن الدولة ستعاقب كل ولي يمتنع عن تسجيل ابنه البالغ من العمر ست سنوات في المدرسة. والتمدرس هنا، حسب بن بوزيد، هو وضع التلميذ داخل قاعة بين أربعة جدران ولا يهم إن كانت الظروف متوفرة أم لا، بل لا يهم إن حمل الطفل معه بذور الفشل الدراسي في أول يوم يلتحق فيه بالمدرسة، لأن المهم هو الرقم الذي يحمله التلميذ في إحصائيات القطاع لدعم حصيلة إنجازات برنامج الحكومة. وفي انتظار تحقيق ذلك يبقى الأهم، حسب بن بوزيد، هو إيجاد حلول عاجلة يتخطى بها عتبة الدخول المدرسي، ثم كما يقول المثل ''يدير لها ربي طريف''، وبالتالي لا داعي لكثـرة الحديث عن الأمور البيداغوجية والتكوين والرسكلة، وإلى غير ذلك من القضايا الجوهرية التي يتكرر ويتجدد طرحها في كل دخول مدرسي.
جميل جدا أن نعاتب ونعاقب الولي الذي يحرم طفله من الالتحاق بالمدرسة، لأنه ببساطة يعتبر جريمة لا تغتفر، لكن من يعاقب وكيف يعاقب وزيرا قضى حياته كلها على رأس الوزارة ولم يفلح في توفير الشروط الكفيلة للتمدرس، وسلطة فشلت في إصلاح المنظومة التربوية؟ فما أكثـرها التقارير التي أكدت على ضرورة إصلاحها بصفة جدية بعيدا عن التهريج وصيانة المكاسب والحفاظ على الغنائم كما حدث عند جيراننا المغاربة الذين نجحوا في إصلاح المنظومة بكاملها في مدة لم تتجاوز الأربع سنوات، أي سنة لكل طور، وشمل الإصلاح محتوى البرامج والتكوين والتنظيم وكل ما له علاقة، من قريب أو من بعيد، بالمنظومة التربوية. فمتى يعلن بن بوزيد عن فشله في تسيير قطاع أضحى عنوانا للتسرب عوض التمدرس؟ وكيف سيتصرف بعدما فشل في رفع تحدي الدخول المدرسي الذي قال عنه إنه سيتم في أحسن الظروف وأن الكتب متوفرة بالكميات المطلوبة وخالية من الأخطاء...؟
الخبر