[right]جور البرلمانيين تخلق احتقانا وسط المواطنين وتنذر بانفجار وشيك
حذرت النقابات المستقلة من حالة الاحتقان الكبيرة التي تسود أوساط موظفي القطاع العمومي، منذ الإعلان عن الزيادات الجديدة في أجور البرلمانيين، بسبب سياسة ''الكيل بمكيالين'' التي اعتمدتها السلطات، حيث اعتبرتها ''صاعقة'' أصابت هؤلاء المستخدمين بحالة ''إحباط'' شديدة ستولّد ''انفجارا'' اجتماعيا بعد العيد.
قررت النقابات المستقلة مراسلة رئيس الجمهورية للتنديد بـ''الإقصاء'' الذي تمارسه السلطات العمومية على مستخدمي الوظيف العمومي، ''والذي تأكد من خلال الزيادات التي مست أجور البرلمانيين، حيث بلغت 300 ألف دينار دون احتساب الامتيازات الأخرى التي يستفيدون منها..''.
وحسب ممثلي نقابات التربية والصحة والتعليم العالي التابعة للوظيف العمومي، فإن هذه الزيادات أكّدت حقيقتين ''مؤسفتين''، تتمثل الأولى في هشاشة منظومة الأجور في الجزائر، بمعنى أن توزيع الأرباح والثروات على المواطنين لا يراعي ''لا العدل ولا الشفافية ولا حتى مرجعية قانونية''.
وكشفت الرواتب الجديدة عن حقيقة ''مؤسفة''، ''كون ممثلي الشعب كانوا منشغلين بالتفاوض حول أجورهم حينما كان آلاف العمال والمستخدمين في مواجهة المطاردات البوليسية''. وهو ما جعلهم يؤكدون بأن رد فعل مستخدمي الوظيف العمومي سيكون هذه المرة ''عنيفا''. الأمر الذي ستحذّر منه المراسلة التي قررت النقابات المستقلة توجيهها، كل واحدة على حدة، إلى رئيس الجمهورية، لوقف سياسة الكيل ''بمكيالين'' التي تنتهجها السلطات العمومية.
وفي ذات الإطار، قال المنسق الوطني لمجلس أساتذة التعليم العالي عبد المالك رحماني، بأنه مهما بلغت الزيادات المنتظرة من النظام التعويضي، فإنه لن يتم إنصاف الأستاذ والبروفيسور الجامعي الذي قضى أكثر من ثلاثين سنة في خدمة البحث العلمي. وهو ما يكشف منطق ''اللاعدل'' الذي تتعامل به السلطات العمومية، رغم أنها هي من وضعت الأستاذ الجامعي في قمة هرم الأجور، على اعتبار أن الشهادة هي من تحدد مثل هذا الأمر.
وفي سياق متصل، استغرب رحماني من ''منطق'' السلطات العمومية التي خصصت مبلغ مليار و500 مليون أورو للبحث العلمي خلال الخمس سنوات المقبلة، لكنها لم تضع أية إجراءات تحفيزية لتحسين الأوضاع الاجتماعية للباحثين، بشكل يجعلهم يحافظون على هذه الأموال من خلال حسن استغلالها، والتفرغ للبحث العلمي بدل ''الركض'' وراء الساعات الإضافية والمناصب الإدارية لمواجهة تدني القدرة الشرائية. وهو ما جعل ممثل ''الكناس'' يلحّ بالتعجيل في وضع آليات لحمايتها.
من جهته، قال الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية بوجناح عبد الكريم، بأن البرلمانيين تحصلوا على الزيادات باسم الشعب ''الذي لم يتوقف عن الاستنجاد بهم للوقوف إلى جانبه ومساعدته على انتزاع حقوقه المشروعة..''.
وحسب ذات المتحدث، فإنه ليس من الغريب أن يحصد هؤلاء وغيرهم من ممثلي الأحزاب السياسية ''ثمار'' الحياد الذي التزموه حينما كان الأستاذ، الذي له كل الفضل في بلوغ عدد منهم هذا المنصب، يطالب براتب عادل وكريم، ''وفوق كل ذلك، فإن النقابة تتفهم عدم تدخل ممثلي الشعب، فهم أيضا كانوا منشغلين بالتفاوض حول أجورهم''.
ولم يفوّت بوجناح الفرصة للتأكيد على أن الأجور الجديدة للبرلمانيين ''يجب أن تكون محفّزا كبيرا للاطلاع على شؤون المواطن، لأن 30 مليون سنتيم كفيلة بمعالجة جميع مشاكلهم المادية والتفرغ لانشغالات الشعب..''.
أما ممثل نقابة ممارسي الصحة العمومية، الدكتور مرابط، فاعتبر الزيادات بمثابة ''الصاعقة'' التي كشفت مرة أخرى، حسبه، هشاشة منظومة الأجور و''هزالة'' الزيادات التي تضمنتها شبكة أجور مستخدمي الوظيف العمومي.
وقال محدثنا بأن أجور البرلمانيين الجديدة ''استهتار'' بكرامة المواطن والموظف الجزائري الذي لا يفوق الأجر الذي يتقاضاه 40 ألف دج، أي 10 مرات أقل من راتب البرلماني. وقرار كهذا، حسب الدكتور مرابط، لن يزيد سوى في تعفين الأمور وتعقيدها، حيث سيغذي حالة احتقان في أوساط الموظفين ''المصدومين'' من غياب عنصري التوازن والشفافية في توزيع الثروات، ما يفسر، يضيف، توسع الفجوة بين المواطن وكل من المشرّع والحاكم.
الأربعاء سبتمبر 24, 2008 10:42 pm
