المنتدى الأول للأساتذة المجازين في الجزائر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى الأول للأساتذة المجازين في الجزائر

هذا المنتدى يهتم بمشاكل و طلبات و اقتراحات الأساتذة المجازين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
yala
عضو مميّز
عضو مميّز



ذكر
عدد الرسائل : 131
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 17/06/2008

الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة Empty
مُساهمةموضوع: الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة   الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة I_icon_minitimeالسبت أغسطس 09, 2008 12:44 am

رشيد بوجدرة: كاتب جزائرس مزدوج اللغة .
من مواليد: 1941.09.5م بعين البيضاء (أم البواقي) بالجزائـــر، اشتغل بالتعليم، تقلد عدة مناصب منها: مستشار بوزارة الثقافة، أمين عام لرابطة حقوق الإنسان، أمين عام لاتحاد الكتاب الجزائريين.

من مؤلفاته الروائية: الحلزون العنيد، الإنكار، القروي، الرعن، الإرثة، ضربة جزاء، التطليق، التفكك، ليليات امرأة آرق، ألف عام وعام من الحنين، الحياة في المكان –تيميمون-.


رواية الحلزون العنيد واحدة من أهم أعماله عنوانها الأصلي L'ESCARGOT ENTETE

من أنتاج سنة 1977 وقد نقلها إلى العربية في ترجة رائعة الكاتب : هشام القروي.

ويقول عنها الناقد الكبير ذ. فيصل دراج في جريدة السفير :

ترسم هذه الرواية لحظات تحولات الانسان في علاقته بآلة الدولة ، وأثر هذه التحولات في تشويه
كيان الانسان وارجاعه إلى نسخ شائه يعيش أوهامه وتصوراته البائسة ثم يدخل إلى عالم البله الكامل أي أنها ترسم بؤس البيروقراطية ومسار البيروقراطي التعيس الذي يغوص في ثنايا الأرشيف حتى تتلاشى ملامحه الانسانية . والكتابة الروائية هنا ، تكتب التحولات في منطق الالعلاقات الروائية أي تكتب الواقع في شكله الفني الموائم ، والشكل هنا ساخر يعتمد الحوار الداخلي وينهض على لسان المتكلم وينبني على دائرية القول المحكوم بذات انسانية مغلقة .

وأخيرا فإن الرواية تحقق لحظات الكتابة الروائية ، وتطعم الأثر الأدبي الذي يشير إلى موقف الكتابة من الواقع وتصون مقام الدب.


الرواية من الحجم المتوسط في 96 صفحة طبع المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية. بالجزائر.

إليكم مقطعا منها



[b]اليوم الأول








<BLOCKQUOTE>
وصلت اليوم متأخرا إلى مكتبي . أنا لا أحب الأيام الممطرة . الأطفال فيها يهيجون، وحركة المرور تغدو لا منفذ منها . عندئذ ، يشرع هو في التظاهر بجدية, أنا لا أحفل به كثيرا . لكن فكرة ملاقاته لدى خروجي من البيت تجعلني عصبيا . ومهما بكرت في الذهاب إلى الشغل ، فأنا أبدا لا أصل في الوقت المحدد . سائق الباص يتعمد الثرثرة مع الركاب . إنه دائما نفس السائق . فأنا دقيق في تأخري إذا ما فاتني ـ وهو ما يحدث غالبا ـ باص الثامنة والنصف ، فإن ذلك الذي يمر في الثامنة وخمس وأربعين لا يمكن أن يفوتني أبدا . مع قليل من الحظ قد أصل في الوقت. غير أن سائق الباص رقم 21 لا يبدو قلقا للتوقيت . فالدقة ليست همه الشاغل . هو يشكو من غلاء المعيشة وأنا بفضله علمت أن اللحم صار صعب المنال . فعزمت على الاستغناء عنه . وهو يهدد بتقديم شكوى إلى مكتب مراقبة الأسعار. يا للأبله ! يضيع وقته ووقتي معه . إذن وصلت متأحرا. كانت الساعة التاسعة وسبع دقائق. قيدت ذلك على قصاصة صغيرة من الورق. سوف أشتغل سبع دقائق إضافية اليوم . ينبغي ألا أنسى . عندما دخلت ، نظر الموظفون إلى الساعة الحائط . بل وابتسمت السكرتيرة . سجلت ذلك أيضا على قصاصة ورق اخرى . وضعتها في جيب سترتي الأيسر . كنت قد وضعت ورقة تأخري في الجيب الأيمن . هكذا لا أنسى شيئا . إذ أنني أسجل كل شيء. ولتواصل هي ابتسامتها . ألست الرئيس؟ كانت أمي تقول: الجمل ما يرى حدبته. والسكرتيرة أيضا . هي غير حدباء . لكن لا فرق . طبعا ، لا أحد تجرأ على ابداء ملاحظة . انهم يعرفون عقوباتي الصارمة . لم أتحقق من الوقت الذي شاهدته فيه . لا جدوى من ذلك . فهو مثال للدقة . ولكن حسب الطقس أن يكون جافا أو ممطرا . التغيير يطرأ على ساعة بالضبط . أنا لم أشتر ساعة دقيقة التوقيت هباء . ذلك مال أحسنت استثماره . فالمسألة متعلقة بحياتي . وحياتي لها قيمتها . لو كان لكل الناس دقتي . لما كانت المدينة على هذه الحال من القذارة . ولذلك حياتي نفيسة . أنفس من حياة سائق الباص . فضلا عن أنه سيموت قريبا . سوف يقتله التضخم . أنا أعي ما أقول . انه مايسمونه بالتضخم المستورد . انني أقرأ الصحف . أقص منها أهم المقالات . ستكون سنة قاسية على البلدان المتخلفة . لكني أعرف كيف تكون المواجهة . لا جدوى من الشكوى . أشك في أن ذلك الرجل يقوم بدعوى للتخريب . مع كل الساخطين الذين ينقلهم ليس أمامه سوى معضلة الاختيار. جمهوره فاتح آذانه له . هناك دائما من يناوله سيجارة . الشيء الذي لا يمنعه من مواصلة الشكوى . والتدخين . في حين أن ذلك ممنوع منعا باتا . لدى انقضاء نهاره . يكون قد دخن علبة بالمجان . وصلت مكتبي متأخرا . بالرغم من أن لا ناقة لي ولا جمل في التضخم المستورد . همي الأكبر نظافة المدينة . غير أني اواكب الأحداث . اثنان أو ثلاث مراكز اهتمام . لا أكثر . والا . فالتشتت . واهدار الوقت .


أما الجرذان . فهي لاتضيع وقتها . إنها خمسة ملايين . تستهلك وتتناسل . يا للرقم ! سكرتيرتي لا تصدقني .تعتقد أني أخرف. السلطات لا تود السماع به اطلاقا .إنه لرقم ذو ثأثير في نضال طويل الأمد . لكنه شديد الوطأة على القلوب الحساسة . بل لقد تلقيت توبيخا لمجرد اقتراحي بحملة وطنية تحت هذا الشعار : خمسة ملايين جرد في العاصمة ! كانت البلدية تتوقع حدوث حركة هلع يصحبها نزوح يشل دواليب أكبر مدائن البلد. لم أقل شيئا . الطاعة العمياء من خصال الموظف الجوهرية . وأنا لا أزعم سوى ذلك . يجب تخويف الناس. غيرة الجماهير على الوطن خيالية . قائز . وشعار. لا شيء يصمد أمام هذا التبسيط . الوصاية ! الجردان نفسها لا تفلت منها . أنا لست عالما في السياسة) عدم نسيان تدوين هذه الملحوظة على وريقة) لكنني أقرأ في بيتي . لدي الوقت. لا تشتت . لا انحراف . معرفة تركيز الجهود على غاية محدد. وبذل كل ما بالإمكان بذله لتحقيقها. وهو ما أفعل . حياتي تستهدف شيئا واحدا . إبادة جرذان هذه المدينة الجميلة التي يمكنها ان تكون أنظف . لكن جمع القمامة ليس مشكلتي . ولا مشكلتي قتل الذباب والبعوض والبق والنمل وغيرها … وحده جنس الجرذان يهمني . إنني أعرفه . كل المعلومات الخاصة به مدونة بطاقات أحتفظ بأرشيفها في بيتي بعناية قصوى . إنه كد سنوات . موظفو مصلحتي لا يشتغلون فيها إلا لكونهم لم يجدوا عملا آخر. بسبب صعوبات الانتداب في الإدارة . لدى الشباب أفكار جاهزة . والأفضل ألا نتحدث عن النساء ! هن لا يبقين . إذ يصيبهن يرقان . وفي غضون أسابيع قليلة يذهبن للشغل في مكان آخر. أو يتزوجن. إنهن يرغبن في الزواج . ولو لمرة واحدة. لم هذه الفكرة الثابتة. التناسل! انه الشيء الوحيد الذي يشغل بالهن حقا. مثل الجردان والفئران. أنا أعيش وحيدا . وهو ما يبدو طريفا في مدينة تقوى فيها غريزة التجمع . وتتركز العائلة بتماسك. لكن الجرذان ـ علميا ـ اسرع. وهو ما يجهله الناس. جرذان اثنان لكل مواطن. مجلس البلدية لا يصدقني. سبق وحاولوا إحراق أرشيفي. لكني أملك نسخة ثانية منه مخبأة عند أختي في الريف. وهي تعتقده سجلات شرطة. وتتظاهر بالتواطؤ معي. وهي في الواقع تريد أن تزوجني . لكنني متصامم عن ذلك منذ عشرين سنة . سوف تنتهي بالاستسلام. ثم تطلب مني أن أحمل أرشيفي وأرحل. إني لا أنقطع عن إثرائه. كل ما يتعلق بالجرذان مسجل فيه بدقة. تساعدني قصاصات الورق الصغيرة بفعالية. وهي دائمة الكثرة بإفراط. مساء . .في البيت. أبيضها. أنسخ محتوياتها على بطاقات مضاعفة. أجهد للمستقبل.



وصلت متأخرا إذن. على زجاج النوافذ . تتمطى . متقاطعة . قطرات خضراء مزرقة . تحدد كامل صفحته التي تتشابك فوقها انعكاسات ظلال أشجار كبيرة تزين الفناء. يوم عمل لا يشبه غيره. وأجدني مركزا انتباهي على رمدة البخار. أطلس يخضره الانعكاس مثل رغوة كثيفة ملبسة على صلصال. أفضل هذه الصورة المتاهية . يرعبني الحنين . لكن أمي تشوقني . أنا لها مدين بكل شيء . بالنظام . بالدقة . بكره الأيام الممطرة . ووظيفة الرجل التناسلية . والمرايا أؤثر التفكير بهذه الأشياء على التفكير بلقاء هذا الصباح . كانت قد قررت : ولد وبنت . وفي ظرف ثلاث سنوات من الزواج كان لها ما أرادت . آنذاك . توجب عليها الابتعاد والابقاء على مسافة . كان الوالد يسعل وكانت تكرر له أن القناعة هي العلاج الوحيد . كانت صارمة . وغدت هزأة أسرتها وجيرانها. لكنها صمدت . ورث عنها نفورها . وتخصصت في تناسل الجرذان . لا أريد التفكير بما شاهدت هذا الصباح . كان هنالك . لابدا بأبهة في عشب الحديقة المحفوف . متقاطع القرنين في وضع هجومي . تظاهرت بعدم رؤيته عدوت إلى الموقف . كان الباص الذي يقلني عادة قد انطلق. إنهم يزدرون بي . وعني يتهامس تلاميذ المدارس بكلام بذيء . بل إنني سمعت شتيمة . سجلتها على الفور طبعا. إذ أنني لا أريد اتهامهم بشتيمة أخرى متذرعا بالتشابه الموجود بينها . وهو عائد إلى أن لها جميعا نفس الجذر الصوتي المتمحو أساسا حول حرف " ز " . حتى لا أسقط في هذا التيه إذا دونت ما سمعت. وقد ذعر اللئام لما شاهدوني اخرج من جيبي قصاصة ورق .2/ 2 / سم . وأخربش فوقها . أطلقوا سيقانهم للريح. هم يعتقدون أنني أرميهم بأذى سحري . لكوني أعزب عريق . أمهاتهم يحرضنهم على استفزازي . ويتهمنني بإبادة الجنس البشري. أنا في الواقع لا أعادي سوى الجردان . إلى أن يأتي ما يخالف ذلك . أن قتلها هو مهنتي . صحيح أنني لا أحب الأطفال. لكنها حكاية أخرى. مختلفة تماما . كان أبي يسعل. لقد كنت أسمعه يسعل على الدوام. قالت أمي له: إذا كنت تريد أولادا آخرين . فستموت بداء رئتيك. لم يلح كثيرا . كانت تعرف كيف تحسم الأمور. ولد . ثم بنت . وكان لها ما أرادت . المطر ينهمر دائما . الحنين للنساء والمسلولين . كانت تقول .وكانت محقة. أنا إذن . أبغض الحنين والمرايا والمطر. لكنني أحب البخار والقطرات المائية على الزجاج. إنها ترسم متاهات شبيه بمسار الجرذان كما وصفه )أبو عثمان عمرو بن بحر 166 ـ 252 ه( في كتاب الحيوان. ذلك أن الجرذ لا يجري . بل يحرجل . أذ أنه يجهل الخط المستقيم . فيلتوي. ولو لا هذا لما كانت قطرات المطر التي تنزلق مظللة رمدة الزجاج المعشبة التي تجتذب اهتمامي . ما أن يتعلق أمر ما بالجرذ حتي أجدني منبهرا ومركزا كامل انتباهي . تسجيل هذا التماثل بين مسيرة الجرذان الخاصة وبين تعرجات حبيبات المطر فوق سطح أملس . لا تزال تمطر . علي باسترداد الدقائق السبع . ها أن جرس التلفون يشرع في الرنين . الصيف أسوأ . طرطقة الآلة الكاتبة الماكرة. خطوات أوائل المستغيثين المتسارعة. سائق الباص ... الخ . إنه ليوم مليء بالمشاغل حقا .


بطاقة رقم 2012 : "" من أهم الخصائص التي تميز جرد المثاعب فضوله . وحفظه ـ عن ظهر قلب ـ جميع المسالك الممكنة والمتصورة في أرض معينة . ومنها على سبيل المثال مسلك الهرب الذي قد يؤديه إلى جحره . أننا لنجد عند هذا النوع ـ وبصفة مثالية ـ تلك القدرة على استعمال مسالك فرعية . لم يسبق له أن سواها على الخصوص. فالجرد ـ إذ يجد نفسه وسط أروقة متاهة ـ يقوم لأول وهلة بنوع من التقويم الطوبولوجي الشامل . تم يسقط من حسابه كل المسالك التي لا تفضي . ونحن إذا غيرنا قليلا في الشروط الأولية . بتبديل أمكنة الطعام مثلا . نلاحظ أن الحيوان لا ينسى أبدا ما اختزنته ذاكرته . فهو يجد على الفور ما كان بحدسه باطنيا . كما لو أنه تعلمه بوضوح. لقد جردت كل شيء . إذ لا بد للمرء من معرفة عدوه . هذا مبدأ تافه من مبادئ الاستراتيجية والتكتيك. والا . فالتقوقع . للجرذان طريقتها الخاصة في الاحاطة بالأشياء. فالمتاهة هي تطويق مطرد . إنها تعود بنا إلى رمزية بالغة الثراء . وقصتها هامة وممتعة جدا. أفرد لها سيلاس هاسلام ـ وهو مهندس من القرن التاسع عشر ـ كتابا ضخما بعنوان : تاريخ المتاهات العام. أكرر ذلك لمرؤوسي لكنهم لا يفهمون . بل يضحكون . كانت أمي تقول الجمل ما يرى حدبته . لا أحد فيهم أحدب. لكنهم أسوء من ذلك . كثيرا ما يهزؤون بي . خاصة عندما يتأخر الوقت . ويكون الضياء في الخارج أسيلا أكثر من العادة . أنا لا أستقبل من الزائرين سوى أكثرهم هياجا . حلوانيون أفرغت القوارض أكياس دقيقهم . أمهات أكل رضعهن … الخ . ومنذ اعتزم مجلس البلدية شن حملة نظافة على الصعيد الجهوي. صار لدي تقرير يتوجب إنهاؤه . لكن . لا يمكن بتاتا طبع ملصقات برقم فاضح مثل : 5000000 جرذ ! ينبغي أن يبقى سريا للغاية . لقد ألحوا كثيرا على ذلك . إن محاولة حرق أرشيفي تعود إلى ذلك العهد. لحسن الحظ أنني أملك منه نسختين. مسامي هو الطقس أيام المطر . في الخارج . أعرف . ليس غير الطوفان والوحل . هاهنا . كل شيء جلي واضح . على الذين يحظون بامتياز الدخول إلى مكتبي أن يمسحوا نعالهم فوق حصير الألياف اللدنة . حتى لو كان اليوم قائظا . هكذا تعم النظافة . أحيانا . أعود على حين غرة بعد إغلاق المكتب . عندما تكون النساء المداومات ينظفن . أعطيهن بعض التوجيهات التي يحتجنها باستمرار! أما في داخلي . فالتطهير يتجاوز ذلك بكثير . وخاصة بعد أن ألغيت اللحم من مأكولاتي . وهو أيضا باهظ الثمن . في داخلي إذن : فولذ . صمت . انطواء . في كل هذا يغلب لون رمادي . وهو مثال المحايدة بين الألوان . أنا متوهج ووحيد . يحدث أن تتملكني . سعادة عظيمة . لكن تلك اللحظات نادرة . كل ما أحرزه من نجاح في تقتيل الجرذان لا جدوى منه . فالسكان يتناسلون بهوس والنزوح يفسد كل شيء . يضيق مجال البشر الحيوي . تحتشد البنى وتنسد . تتفاقم المزابل وتتكدس حسب اطراد هندسي. لكن صنيع الجرذان يتعدى ذلك . نبهوني إلى أن مستودعات التجارة البحرية أصبحت خطرة على عمال المرافئ الذين يرفضون دخولها خوفا من العض الذي يتعرضون له . لكني أظل جافا . مطليا بالميناء . دون أدنى أثر لعرق . صيفا وشتاء . أنا وريث أمي في ذلك . كانت سريعة التأثر . وكانت حركاتها ـ لفرط وضوحها ـ تجعل الظل يلتمع من حولها . كانت ـ بكلمة واحدة ـ فسفورية . ولقد حافظت بمهارة على المسافات بينها وبين الوالد . ولولا ذلك . لكان في هذه الساعة عشرة أو عشرين . مطلي من الداخل . معصوم من الخارج . وفي مكتبي ـ حيث أحتفظ بإحصائيات سرية جدا ـ كل شيء يبرق . هذا هو سبب حبي للكلمات الوجيزة والشاي الأخضر .


تحت تصرفي إلى حد الآن خمس فرق لإبادة الجرذان . أنا بحاجة إلى عشرة أضعاف هذا الرقم . كي ما يتسنى لي تأمين المدينة التي أشاهدها متدرجة على مستويات بين البحر والهضاب . إنها تجهل الداء الذي ينخرها . لقد سبق ونصحت بعدم ترديد هذا الكلام كثيرا . الأوامر دقيقة بهذا الصدد . وأنا أعرف كيف أكتم السر . غير أن الخطر بهذا التواتر لا يزال ينمو . الميناء رسم أزرق مخربش بهياكل ورافعات . أبدا . ما رأته عيناي ولا وطأته قدماي . يكفيني تخيله . إنه يحصر المدينة التي تغلقها الهضاب المغراء من الجهة الأخرى . لكنه لطخة سوداء على خارطة الكارثة . منطقة منكوبة . ورغم ذلك . فلولا الميناء . لتركت المدينة منذ زمن طويل . لأستقر عند أختي في الريف . هي لم تنجب أطفالا مع أنها متزوجة . خمس فرق . يا للسخرية! لكني أتوصل . بفضل التنظيم العلمي . الذي فرضته على المصلحة برمتها . إلى التوقف على الحالات الأخطر . مثل التدخل في المستشفيات والمدارس والأماكن العمومية ..الخ . إلا أن المدينة لا تزال تمتد شرقا وغربا . بحيث تفلت منا أراضيها أكثر فأكثر . هناك حل وحيد : اللامركزية . لكن مجلس البلدية أبدى عدم رضاه فيما يخص هذه النقطة أيضا . لم أفهم السبب . مع أنني أطالع الصحف الصباحية والمسائية . وأحاول الالتصاق بالواقع السياسي والاجتماعي للمدينة . التي أصونها من نهم الجرذان . ومع ذلك فلا يجب أن نبالغ . الناس لا يعرفون ما يريدون . ينسون أن وفرة الجرذان أمر حيوي عند حلول المجاعات . التاريخ مليء بالكوارث التي لعبت فيها الجرذان دورا خطيرا . لقد صاحبت الإنسان في كل زمان . نازحة معه حيثما نزح . ولولا الغزوات . والحروب . والزلازل . والهجرات لما كانت تترك منبتها في بيرمانيا . يكفي أن ننظر في خارطة الغزوات حتى يتبين لنا ، بوضوح ، مسلكها . عبثا أكرر ذلك للموظفين . فهم لا ينصتون . يزعمون أنها سياسة . وأنهم لا يفهمونها . كما لو كنت أنا شغوفا بالسياسة . كلا أبدا . ليس للخطاب تأثير علي . وحين يصدف أن أقرأ خطابا رنانا طنانا . أدرك أن السياسيين أناس وحيدون . مثلي ، وأجدهم ظرفاء . إلى أن أكتشف الفرق الذي يفصلنا . فأطلب وحدتي . بينما هم يريدون الخلاص منها . ودليل ذلك : الخطب الرنانة الطنانة وحمامات الجماهير! وبخاصة إذا كانوا مكروهين . إنني عندئذ أشفق عليهم وأرثي لحالهم . ثم إنهم فضلا عن ذلك لا يهمونني . لا وقت لدي . الجرذان لا تتركني أرتاح . ترى . أين قرأت أنها في مدينة كبيرة . تستهلك خمس مائة طن من الغذاء يوميا . لا بد أن أكون سجلت ذلك على وريقة ونقلته إلى بطاقة . في باب : الأضرار الاقتصادية . التأكيد ميسور . أرشيفي مرتب يوما بيوم . ولا أبقي كتاباتي في جيبي أكثر من أربع وعشرين ساعة . يحدث أن تختلط علي الأمور أحيانا . لكني سريعا ما أمتلك زمامه …وضوح بين . يجب القول أن عدد جيوبي لا يبسط العملية في شيء. إنها بمعدل عشرين . صيفا شتاء . أضف إليها جيبا سريا أغير مواضعه حسب التقلبات البشرية . المرء لا يعلم ما في الغيب . الحذر . إنه الشيء الوحيد الذي ورثه عن أبي . مع هشاشة الرئتين . وذلك الجيب مخصص لانفعالاتي الحميمية . إني أكبتها ولكنها تفيض . خاصة في الخريف . هذا الصيف يغلي الضوء في دماغي . ويفتت شراييني . أصير مساميا . وشيئا ما وجدانيا . قصاصات الورق أملؤها شطوبا . إلى حد الإبهام . لحسن الحظ . هكذا إذا أضعت واحدة منها لا يفهم أحد ما كتب عليها . هيروغليفية فريدة من نوعها . رموز خرافية . مجال من التيه . وفيما عدا ذلك . فإن كتابتي واضحة . السكرتيرة نفسها لا تجد صعوبة في قراءتها. لا أحب أن أبسط كثيرا في هذا الموضوع . ضعفي هو الانفعال . لكنه يصيبني في فصل واحد . وهو محدد بدقة ومكافح بجدية . انه المرض الوحيد الذي يدفعني للاستعانة بالطبيب . لدي مهدئات خاصة بفصل الخريف . لا يعلم بها أحد . بفضل الجيب السري الذي أغير موضعه كل يوم .

للتحميل :
</BLOCKQUOTE>
<BLOCKQUOTE>

http://www.arabjava.com/download.php?file=2fa4d2978c2d010bb3b53a9a38cd5d30
</BLOCKQUOTE>
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
riol
عضو ذهبي



عدد الرسائل : 339
تاريخ التسجيل : 06/04/2008

الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة   الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة I_icon_minitimeالسبت أغسطس 09, 2008 11:46 pm

يقال كذلك انه يتقن عدة لغات اخرى ..
لكن اثيرت ضده عدة حملات انتقادية فهو محسوب على التيار الفرونكفوني و الكتابة باللغة الفرنسية التي تاب منها بعدما اوصدت في وجهه ابواب فرنسا مثله مثل الكثير من اقلام اللغة الفرنسية الذين راهنوا على اقحام اسمائهم ضمن الأدب الفرنسي و لفضوا ليعودوا الى الغة العربية و ان كانت العودة الى الأصل فظيلة
لكن الشيئ الذي فتح عليه ابواب جهنم هو كتاباته الجريئة جدا و تطرقه الى مواضيع تعتبر طابوهات في الجزائر و حتى في العالم العربي
فقد كان اول من يستعمل الكلمات السوقية المبتذلة و الكلام الفاحش المتردد في الشوارع في رواياته
و لقد كان اول من يتكلم عن العلاقات الجنسية احادية الجنس و عن الشواذ جنسيا معتبرا اياهم اناس عاديين عاطفيين ذو معانات- من وجهة نظره- في المجتمع
كذلك كان اول من يتكلم عن زنى المحارم في العائلة الواحدة
هذه الجراة لم تكن جراة او تحديا منه - فهو معروف بخجله و تكتمه - لكن كانت بعفوية كبيرة و ذلك لتركيبته و ثقافته الفرنسية و تأثره بالغرب و محاكاته لكتابهم الذين تعتبر هذه المواضيع عندهم اشياء عادية و قديمة يطلبها المثقف عندهم كالانتقادات و التمرد على الدين و على المحافضين في المجتمع
هذه الطريقة -طريقة التمرد على الدين- تقريبا جربها كل كتابنا الراضعون اللغة الفرنسية كل بحسب دهائه و ذكائه
فمنهم من اشار اليها دون ان يفصح مباشرة و منهم من افصح ثم تراجع و منهم كرشيد بوجدرة و اضن ذلك لجهله التام بتركيبة القارئ الجزائري -المعرب اقصد-و القارئ العربي عموما و بكيفيات مخاطبته وطرق التفاوض معه لتمرير اي فكرة او معالجة اي ظاهرة متفشية في المجتمع
لكن يبقى رشيد بوجدرة في الأخير و هذه وجهة نظري كاتبا جزائريا احسن بكثير من ابناء جيله الذين اعتبرتهم النخبة الفروكفونية نوابغا في الرواية الجزائرية و الذين راوغوا الجزائريين
وحاولوا تمرير افكار التفكك و التمرد على الدين اليهم بالاشارة تارة و باللف و الدوران تارة اخرى دون ان تكون لهم الشجاعة للبوح بما في صدورهم مخافة ان يتجاوزهم القارئ دون رجعة مستغلين في ذلك عواطف المراهقين الشباب المفتتنين في كل
ماهو غريب و غير مالوف
شكرا لكاتب الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
bmghinia
عضو ماسي
bmghinia


انثى
عدد الرسائل : 747
العمر : 49
الاوسمه : الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة Member
تاريخ التسجيل : 06/04/2008

الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة   الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 08, 2008 10:53 pm

MERCI D AVOIR EMBELLI CETTE PAGE
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
rachidderradj




عدد الرسائل : 17
تاريخ التسجيل : 16/04/2008

الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة   الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 14, 2009 1:40 pm

السلام عليكم ابحث عن كتب ودراسات في الادب الجزائري فمن يساعدني’
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحلزون العنيد .. رواية بقلم رشيد بوجدرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى الأول للأساتذة المجازين في الجزائر :: القسم الأدبي :: الروايات-
انتقل الى: